حيّاك الله، أسأل الله -تعالى- أن يختار لهما الخير من أمرهم، ولا شكّ أنّ الخيانة أمرٌ مذموم حيثما وجد، فالله -تعالى- يقول: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)، "الأنفال:58" بل إنّ الله -تعالى- قد حرّم الخيانة وقرنها بالكفر في كتابه العزيز حيث قال: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ). "الحج:38"
وإجابةً على سؤالك، فإنّه يجوز العفو عن الزوج الخائن لزوجته إذا أرادت الزوجة ذلك كما أنّه يجوز لها أن لا تعفو عنه، لأنّ خيانة الزوج لزوجته هي من الأسباب التي تبرّر الطلاق على قول أهل العلم، ولا يترتّب على الزوجة إثم من طلبها للطلاق في مثل هذه الحالة، وأمّا بالنسبة للزوج، فأسأل الله له الثبات على هذه التوبة، وأن يكتب الله له الهداية والصلاح.
وعليك بنصيحته بأن يَصدُق الله في هذه التوبة، وأن يعزم على عدم العودة إلى هذا الذّنب، كما عليك بتذكيره بعظّم هذا الذنب وبالآيات القرآنية التي نهت عن الزنا وحرّمته، حيث جاءت العديد من الآيات التي تنهى عن الزنا منها قول الله -تعالى-: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)، "الإسراء:32" وما يترتب عليه من عواقب وآثار وخيمة في الدين والدنيا، وأوّل هذه الآثار هي دمار الأسرة وتشتيتها.
ولا شك أنّ الحفاظ على الأواصر الأسريّة خيرٌ من تدميرها، فإن كان الزوج قد تاب عن ذنبه وعاد إلى رشده، فلا بأس من الرّجوع من بعد الطلاق، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، إلّا أن تعود الزوجة إلى زوجها وهي مبغضة له أو كانت لا تُطيقه؛ لأنّ هذا الكره والبغض قد يدفع الزوجة إلى التقصير في حقوق زوجها.
كما قد يمنعها من احترام زوجها، وبالتالي تنقلب الحياة الزوحيّة إلى جحيمٍ وعذابٍ بدلاً من المودة والرحمة، كما قد يكون تقصيرها سبب في كسب الذنوب والآثام، ولعلّ هذا هو سبب وجود رخصة الطلاق في مثل هذه الحالات، وإن كان الحفاظ على الأُسرة والصبر هو الأولى في مثل هذه الحالات.
وعلى الزوج أن يسعى إلى إرجاع زوجته، لا سيّما وأنّه هو الذي تسبّب في هذا الطلاق ولا مانع من أن يطلب من أهل الحكمة والعقل الرشيد التدخُّل في هذا الأمر لحلّه ولإقناع الأهل والزوجة بالعودة إلى الزوج ولإعلامهم بتوبته وتغير حاله التي كان عليها، وإن رفضت الزوجة العودة إلى زوجها فإنّه لا حرج عليها، فالخيانة الزوجية أمرٌ صعب ولا يستساغ بسهولة.
والمرأة بطبعها العاطفي تجد في نفسها صعوبة وثّقلًا من التعامل مع الزوج بعد الخيانة، فعليه بأن يتوجّه إلى الله -تعالى- بالدّعاء بأن يصلح حاله ويهديه، وأن يحاول إرجاع الزوجة بشتّى الطرق إن تمكّن، وأسأل الله -تعالى- أن يقدر لهما الخير حيث كان وأن يُرضيهما بما قُدّر لهما.