السلام عليكم، تعرضت أمس لنزلة برد مما جعلني أتقيأ وكنت متوضئاً، وصليت الصلاة ونسيت أن أجدد الوضوء ظناً مني أنني على وضوء، فهل صلاتي صحيحة؟ وهل الاستفراغ يبطل الوضوء؟
وعليكم السلام ورحمة الله، طهور بإذن الله ونسأله الشفاء لك ولجميع مرضى المسلمين، لقد فرّق العلماء بين أنواع القيء، وبين الأحكام المترتبة عليها، وذلك على النحو الآتي:
ذهبوا إلى أنّ القيء ليس من نواقض الوضوء؛ لأنّ خروجه لا يكون من المخرج المعتاد للفضلات.
ذهبوا إلى أنّ ما كان طعاماً لم يُهضم ولم يتغير جنسه، أي كان على رأس المعدة أو أولها وتقيّأه الإنسان، فهذا لا بأس به ويعتبر طاهراً لا ينقض الوضوء، أمّا إذا اختلف شكله، وأصبح لزجاً سائلاً فهذا نجس ينقض الوضوء، وقد قالوا بأنّ القيء في هذه الحالة يُشبه الفضلات الخارجة من جسم الإنسان عبر الجهاز الهضمي، إلّا أن المُختلف فيهما مكان الخروج.
فرّقوا بين كمية القيء قليله وكثيره، فالقليل منه لا ينقض الوضوء، وكثيره ينقضه.
وقد استدل من قال بانقضاء الوضوء من القيء، بما صحّ عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنّه قال: (أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قاءَ ، فأفطَر فتَوضَّأَ، فلَقيتُ ثَوبانَ في مَسجدِ دمشقَ، فذَكرتُ ذلِكَ لَهُ ، فقالَ : صَدقَ، أنا صَببتُ لَهُ وضوءَه). "أخرجه الترمذي، صحيح" وهو أصحّ ما جاء في هذا الباب.
لكنّ العلماء اختلفوا فيه، فمنهم من قال أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ من القيء، ومنهم من قال أنّه -صلى الله عليه وسلم- ربما لم يكن على وضوء قبل القيء فتوضأ، وعليه إن تذكرت فأعدت الوضوء فذلك الأفضل والأكمل، ولك أجر الوضوء وغسل الذنوب.
ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا)، "أخرجه مسلم" وإن لم تتذكر فصليتَ فلا بأس عليك بإذن الله -تعالى-