أود السؤال عن أمر يتعلق بزواج الثيب، هل صحيح أن الثيب يمكنها أن تزوج نفسها بدون الحاجة لولي؟ أو هل يمكنها أن توكل من يزوجها؟ أرجو أن تذكروا لي هل يجوز للثيب أن تزوج نفسها بدون ولي؟
حيّاك الله السائل الكريم، تعدّدت آراء الفقهاء في حكم تزويج الثيب لنفسها على قولين فيما يأتي بيانهما:
أولاً: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الولي شرط لصحة عقد النكاح، مستدلين بما يأتي من أدلة:
ومعنى الأيّم: رجلاً كان أو امرأة تزوَّج من قبل أو لم يتزوَّج.
ودلَّ الحديث أنّه لا يزوجها حتى تنطق؛ لأنّها أحق منه بالعقد، وإن لم ترضَ فليس له أن يُجبرها، والبكر البالغ يستأذنها وليها في تزويجها، وسكوتها إقرار لها، ولا يجوز إجبارها إن رفضت.
ثانياً: ذهب الحنفية إلى أنّ المرأة إذا زوجت نفسها كفؤاً بشاهدين فذلك نكاح جائز؛ وحمل حديث لا نكاح إلا بولي، أي نكاح على وجه الكمال، أي أن الثيّب إذا زوجت نفسها بكفء وبمهر المثل نكاحها صحيح.
واستدلوا بقوله -تعالى-: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ)، "البقرة: 234" وقد فُسرت هذه الآية بأن الخطاب للأولياء في قوله: (فلا جُناح عليكم) وتفسير (فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ): أي اختيارهن الأزواج وليس العقد، فالعقد للولي.
والراجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ لا يصح الزواج بدون ولي، والولي هو بمثابة حماية للمرأة وتكريمًا لها؛ حتى لا يَستغل أحد عاطفتها، وإذا منعها وليها من زواجٍ فيه مصلحة لها، ومن زوج كفؤ فلها أن تلجأ للقاضي.