السلام عليكم، أعرف أنّ عدد الأنبياء مائة وعشرون ألفاً، ولكن الأنبياء الذين تم ذكرهم في القرآن فقط خمسة وعشرون، وأريد معرفة لماذا لم يذكر الله تعالى جميع الأنبياء في القرآن الكريم؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، قال تعالى:(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)،" سورة غافر: 78"، فبينت الآية الكريمة أن إرادة الله وحكمته اقتضت أن يقتصر على ذكر 25 نبي فقط، فيذكر قصصهم مطولة أو مختصرة، في موضعٍ واحدٍ، أو في مواضع متفرقة [١] ، وهذا كله من الإعجاز البياني في القرآن، فالقصص ليست للتسلية بل تؤدي رسالة وهدف.
وجاء في الحديث الصحيح عن عدد الأنبياء والرسل، الذي أجاب به النبي على سؤال أبي ذر: (قلتُ يا رسولَ اللهِ كم الأنبياءُ قال مائةُ ألفٍ وأربعةٌ وعشرون ألفًا الرسلُ من ذلك ثلثمائةٍ وخمسةَ عشر جماً غفيراً). "أخرجه أحمد وصححه ابن حبان"
وتخيل لو أورد القرآن قصصهم جميعا؟، سيتحول القرآن الكريم من كتاب هداية وتشريع للناس لكتاب قصص أو كتاب تاريخي يتتبع الأمم ورسلها، إذا عندما نعلم سبب نزول القرآن الكريم كما بينت الأية الكريمة: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾، "إبراهيم:1" سنعرف أنه كتاب هداية لا قصص.
وإن المقدار الذي اكتفى القرآن بذكره أدى الغرض، وأن ما لم يذكره القرآن لا حاجة لنا به، ولا يضرنا الجهل بتفاصيله، وأن الخمس وعشرين نبي الذين تم ذكرهم تم اختيارهم بعنايةٍ وحكمةٍ: لنتعرف على أجمل صور حمل رسالة الدعوة، وسنن الكون في التعامل مع الأقوام المكذبة.
ويعرض القرآن الكريم لنا نماذج الإيمان والصبرعلى الأذى في سبيل الدعوة من القريب، كالأب مثل أبو إبراهيم، والزوج مثل أذية فرعون لآسيا عند ورود قصة موسى، والزوجة كزوجة لوط، والابن مثل ابن نوح- عليهم السلام جميعاً- [٢] .
وذلك ليكون لنا في أنبياء الله أسوةٌ حسنةٌ، وفي مصير أقوامهم عبرةٌ وعظةٌ، ويكون للقصص أثرٌ في تثبيت القلوب وتجديد الإيمان، دون إطالة.