أبحث وأطالع كثيراً في أهوال يوم القيامة، وكنت أحاول التعرف على تفاصيل حال المؤمن حين يبعث الناس يوم القيامة، وأودّ الاستفسار: هل يخاف المؤمن يوم القيامة؟
حياك الله السائل الكريم، يرى أكثر أهل العلم أنّ الخوف من أهوال يوم القيامة يعمّ جميع الناس مؤمنهم وكافرهم، وقيل: بل يكون المؤمن آمناً يوم القيامة عند البعث وفي المحشر وعند الميزان والصراط وغيره، وهو قول النيسابوري، واستدلّ بقول الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ). [فصّلت:30]
وردّ القرطبي بأنّ المؤمن لا يحزن على ما فاته من الدنيا، ولا خوف عليه فيما بين يديه من الآخرة، لكنّ هذا لا ينفي خوفه من أهوال يوم القيامة وما يحصل فيها من الشدائد، ولكنّ الله -عز وجل- يخفّف عن المؤمنين برحمته، مصداقاً لقوله -تعالى-:
وعلى الرغم ممّا أثبته بعض أهل العلم من خوف المؤمن من أهوال ومهابة يوم القيامة استناداً إلى بعض الآيات مثل قوله -تعالى-: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى)، [الحج:2] وقوله -تعالى-: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا). [المزمّل:17]
بالرغم من ذلك إلا أنّ الفرق كبير بين طبيعة خوف المؤمن وخوف الكافر من أهوال يوم القيامة، فخوف المؤمن يتبعه تبشير الله له وتأمينه من فزعه، خلافاً للكافر الذي يكون مصيره إلى النار.