السلام عليكم كنت أقرأ ذات يوم عن الختان في الإسلام وحكمه، واطلعت على أحاديث نبوية وردت عنه، وقرأت فيها عن ختان النبي صلى الله عليه وسلم منذ ولادته ، فهل فعلا ولد الرسول مختونا؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، شكر الله اهتمامك فى البحث عن المعلومة الصحيحة، وهذا شأن كل مسلم حريص معرفة دينه من مصادر موثوقة.
الأقرب والأرجح أن النبي صلى الله عليه وسلم ختنه جده عبد المطلب في يوم سابع ولادته على عادة العرب ولم يولد مختوناً، وهذا دليل على أهمية الختان في الإسلام.
وهذه المسألة للعلماء فيها ثلاثة أقوال ذكرها ابن القيم رحمه الله في كتابيه زاد المعاد وفي كتابه تحفة المودود بأحكام المولود وناقشها، وخلاصة أقوال العلماء فيها:
إن النبي صلى الله عليه وسلم ولد مختونًا، وقد استدلوا على ذلك بأحاديث كلها ضعيفة وبعضها موضوعة مكذوبة لا أصل لها ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات، فلا يصح في ذلك حديث.
إن الذي ختن النبي صلى الله عليه وسلم هو جبريل عليه السلام [١] ، وذلك في نفس حادثة شق صدر النبي وهو صغير، ولكن هذا القول لا دليل عليه أيضًا، فكل الأحاديث التي رويت في حادثة شق صدره عليه الصلاة والسلام وهو صغير لم يرد في شيء منها أن جبريل ختن النبي عليه الصلاة والسلام.
إن الذي ختن النبي عليه الصلاة والسلام هو جده عبد المطلب، وذلك في سابع يوم ولادته على ما جرت به عادة العرب [٢] ، وقد روي في ذلك روايات في السيرة النبوية.
وقد رجح ابن القيم القول الثالث لأنه هو الظاهر والذي عليه العادة، وكل ما روي في ولادته مختونًا فليس بصحيح، ولو كان صحيحًا لروي بطريق صحيح أو حسن لأنه مما توافر الدواعي على نقله، لاختصاصه بسيرة النبي عليه الصلاة والسلام.
وقد نبّه رحمه الله أن العرب كانت تفتخر بالختان وتتعبره منقبة، اقتداء بسنة أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ولم تكن ولادة الولد مختونًا عندهم مزية حسنة للولد بل لربما عدّوها نقيصة، فليس في نسبة ذلك للنبي عليه السلام منقبة له.
وقال رحمه الله في كتابه تحفة المودود بأحكام المولود "وقد بعث الله نبيَّنا من صميم العرب، وخصَّه بصفات الكمال من الخلق، والنسب فكيف يجوز أن يكون ما ذكره من كونه مختوناً مما يميز به النبي ويخصص، وقيل: إن الختان من الكلمات التي ابتلى الله بها خليله فأتمهن وأكملهن وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل وقد عد النبي الختان من الفطرة، ومن المعلوم: أن الابتلاء به مع الصبر مما يضاعف ثواب المبتلى به وأجره، والأليق بحال النبي أن لا يسلب هذه الفضيلة وأن يكرمه الله بها كما أكرم خليله فإن خصائصه أعظم من خصائص غيره من النبيين وأعلى". (تحفة المودود بأحكام المولود/ ص 205)
والله تعالى أعلم