أهلاً بك. يطلق على تبادل الرسائل الفاحشة وبما فيها كلاماً فاحشاً؛ كالخوض في أحاديثٍ عن العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، ولفظ الزنا هنا من باب المجاز، فهو ليس زنا على الحقيقة ولا يترتب عليه ما يترتب على الزنا الحقيقي من آثار؛ لأنّ الزنا الحقيقي يقتضي حدوث الجِماع فعلاً، ويترتب عليه عقوبة شرعية مقدّرة بالحد، فالزنا حدٌ من حدود الله وهو كبيرة من الكبائر.
إنّ إطلاق لفظ الزنا على كلام اللسان ليس جديداً، إذ ورد إطلاقُ لفظ الزنا على سبيل المجاز في السنة النبوية الشريفة، من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة: فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطأ، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه). "أخرجه مسلم"
وكأنّه يقول أنّ الأعضاء تزني كذلك، ولكنّه زناً من نوعٍ آخر، فالنظر إلى الحرام زنا، والاستماع إلى الحرام زنا، والكلام الحرام زنا، فهذه الأفعال كلها تعتبر من مقدمات الزنا لأنّها تقود الإنسان إليه.
وأمّا حكم تبادل الكلام الفاحش لا يعتبر زناً على الحقيقة؛ ولكنه مع ذلك هو حرامٌ قطعاً، ويأثم فاعله يوم القيامة، والسبب في ذلك أنّ هذا الكلام قد يؤدي بالإنسان إلى الوقوع في جريمةِ الزنا الحقيقية، لأنّ الكلام الفاحش لا يشبع الرغبة الجنسية عند الرجل أو المرأة، فإذا تمادوا فيه، زادت رغبتهم بحدوثه، فيصبحون بعد ذلكَ صيداً سهلاً للشيطان.
ويوسوس لهم ويسول لهم بإشباع رغبتهم؛ حتّى يقعوا في هذا العمل القبيح، لذا جاءت الشريعة السمحاء مانعةً لكل مقدمات الزنا الّتي قد تفتح على المسلم أبواب الشيطان؛ فحثّت على الزواج، وأمرت بغض البصر، وعدم إبداءِ الزينة للمرأة، حفاظاً على المجتمع من هذه الآفة.