أنا شاب أسمع أحياناً الأغاني والموسيقى، ونصحني والدي بتركها، وذكر لي حديث (ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) وأرغب بالتأكد من صحة حديث المعازف وسنده، مع الشكر.
حياك الله، لقد أورد البخاري هذا الحديث في صحيحه معلقاً عن أبي موسى الأشعري أو عن أبي عامر -رضي الله عنهما-؛ وتجدر الإشارة إلى أن هذا الحديث قد تعددت حوله آراء العلماء ما بين الاستدلال به، وردّ الاستدلال به؛ وكلام كل فريق في هذا يطول، وليس المقام هنا للاستطراد؛ إنّما ألخص لك رأي كل فريق على النحو الآتي:
وقد ذهب هذا الفريق من أهل العلم إلى القول بأنّ الأحاديث التي علّقها البخاري إن كانت بصيغة الجزم؛ فهي ثابتة عندهم وإن كانت لا تصل إلى درجة الصحيح المسند، كما استدلوا بهذا الحديث على قيام جماعة من الناس في آخر الزمان على استحلال الأمور المحرّمة؛ كالمعازف، والزنا، والخمر.
إضافة إلى تدعيم رأيهم بأحاديث أخرى تؤكد على حرمة المعازف؛ نذكر منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ليشرَبنَّ ناسٌ من أمَّتي الخمرَ.. يُعزَفُ علَى رءوسِهِم بالمعازفِ، والمغنِّياتِ، يخسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الأرضَ). [أخرجه ابن ماجه، وصحّحه الألباني]
وفي الحقيقة لم تسلم كل أدلتهم من تكلّم أهل العلم فيها، من أصحاب الفريق الثاني.
أمّا بالنسبة لهذا الفريق من أهل العلم فقد ردّوا الاستدلال بهذا الحديث على تحريم المعازف بالمطلق؛ لكون سنده معلقاً غير متصل، ولأنّ متن الحديث لم ترد فيه دلالة صريحة على التحريم، وهو رأي ابن حزم، كما بحث المتأخرون من العلماء في وصل ابن حجر لسند هذا الحديث؛ فتوصّلوا إلى أنّ جميع طرق سنده دارت حول راوٍ واحدٍ، لم يسلم من نقد علماء الجرح والتعديل؛ وهو هشام بن عمّار.
إضافةً إلى اتساع دلالة كلمة "يستحلون" الواردة في نصّ الحديث؛ فقد قالوا بأن المقصود بها الاسترسال في استعمال المعازف، والانغماس في فعل المعاصي من قِبَل هذه الجماعة؛ فهم ما بين عزف وخمر ونساء، لذا كان تحريم المعازف مقترناً بمجالس اللغو والفواحش من الزنا والخمر.
وختاماً أنصحك بالابتعاد عن الأغاني التي تثير الشجون، وتدعو إلى ارتكاب المعاصي؛ من إطلاق البصر، والافتتان بصوت النساء، ونحو ذلك.