كثيراً ما أسمع والدتي تقول عند كلّ شدة: (قُل لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا)، وأثار ذلك فضولي وانتباهي لمعرفة ما يتعلّق بهذه الآية الكريمة، وأودّ الاستفسار من خلالكم: ما سبب نزول آية (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ما كتب الله لنا)؟
حياك الله، ورزقنا حسن التوّكل عليه. نزلت هذه الآية الكريمة في معرض الحديث عن المنافقين؛ فقد افتضحت أعمالهم، ومواقفهم، وتخلّفهم عن القتال والجهاد في غزوة تبوك؛ فأنزل الله -تعالى- سورة التوبة تبيّن غاياتهم من كل ذلك، وما انطوت عليه صدورهم من الحقد والكره للمسلمين، وقد أطلق أهل العلم اسم الفاضحة على سورة التوبة لهذا السبب.
وفي هذه الآية وسابقتها؛ يقول -سبحانه-: (إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ۖ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ* قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)، [التوبة: 50-51] وفي هذه الآيات يُجلّي الله -تعالى- إحدى صفات المنافقين؛ بأنّهم:
وهنا يأتي أمر الله -سبحانه- للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ بأن يقول للمنافقين: أنّ الله -تعالى- هو ناصرنا، وسيدنا، وولي أمرنا، ولن يصيبنا بتوكلنا هذا وإيماننا إلا ما قدّره الله -تعالى- لنا من نفع ومصلحة، ونحن راضون، متوكلين عليه، فالأمر كله له وحده -سبحانه-؛ فناسب نزول هذه الآية، ونزول هذا الرّد على ما قال المنافقون بأنّهم يملكون القدرة على الاحتراز، والحماية من الشرور والمصائب.