أنا طالب في الصف العاشر، وأقوم بعمل بحث عن أبو جهل ونسبه وحياته ووفاته، وعندما وصلت إلى وفاته وجدت أكثر من قصة في كيفية وفاته، ولم أستطع التوثق من صحتها، فهل يمكن أن تذكروا لي ما هي قصة مقتل أبو جهل الصحيحة؟
أهلًا ومرحبًا بكَ، ووفّقك الله وجعل ذلك في ميزان حسناتك، واعلم أخي الكريم أنَّ أبا جهلٍ ماتَ مقتولًا في غزوةِ بدرٍ الكبرى على يدِ ابنا عفراء والصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم-، وقد أخرج البخاري في صحيحه قصةَ قتلِ أبي جهلٍ، كما رواها الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف، وإليكَ الرواية الصحيحة:
(بيْنَا أَنَا واقِفٌ في الصَّفِّ يَومَ بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ عن يَمِينِي وعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بغُلَامَيْنِ مِنَ الأنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بيْنَ أَضْلَعَ منهما، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُما فَقالَ: يا عَمِّ، هلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلتُ: نَعَمْ، ما حَاجَتُكَ إلَيْهِ يا ابْنَ أَخِي؟ قالَ: أُخْبِرْتُ أنَّهُ يَسُبُّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حتَّى يَمُوتَ الأعْجَلُ مِنَّا، فَتَعَجَّبْتُ لذلكَ، فَغَمَزَنِي الآخَرُ، فَقالَ لي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إلى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ في النَّاسِ، قُلتُ: أَلَا إنَّ هذا صَاحِبُكُما الذي سَأَلْتُمَانِي، فَابْتَدَرَاهُ بسَيْفَيْهِمَا، فَضَرَبَاهُ حتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فأخْبَرَاهُ، فَقالَ: أَيُّكُما قَتَلَهُ؟ قالَ كُلُّ واحِدٍ منهمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقالَ: هلْ مَسَحْتُما سَيْفَيْكُمَا؟ قالَا: لَا، فَنَظَرَ في السَّيْفَيْنِ، فَقالَ: كِلَاكُما قَتَلَهُ، سَلَبُهُ لِمُعَاذِ بنِ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ، وكَانَا مُعَاذَ ابْنَ عَفْرَاءَ، ومُعَاذَ بنَ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ).
ثمَّ بعد أن ضُرب أبو جهلٍ من الغلامينِ؛ ظلَّ يصارع الرَّمق الأخير من حياته، حتى أتى إليه ابن مسعودٍ -رضي الله عنه- وقضى على ما تبقى منه، وقد أورد البخاري في كتابه الصحيح عن أنس بن مالك أنَّه قال: (قَالَ رَسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ بَدْرٍ: مَن يَنْظُرُ ما صَنَعَ أبو جَهْلٍ؟ فَانْطَلَقَ ابنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حتَّى بَرَدَ، فَقَالَ: آنْتَ أبَا جَهْلٍ؟! قَالَ: وهلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟!).