حياك الله، وحفظ لك نبوغ ابنك. لقد تكلم أهل التفسير في معنى قوله -تعالى-: (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا)، [مريم: 28] وكان الراجح عند كثير منهم أن هارون المقصود في الآية رجل صالح من بني إسرائيل، وليس بهارون أخا موسى -عليهما السلام-؛ فقد كانوا يسمون بأسماء أنبياء الله -تعالى- كثيراً، من باب التبرك والتأسي بهم.
والدليل على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم، عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنه قال: (لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي، فَقالوا: إنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ "يَا أُخْتَ هَارُونَ"، [مريم: 28] وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بكَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا قَدِمْتُ علَى رَسولِ اللهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- سَأَلْتُهُ عن ذلكَ، فَقالَ: إنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ).
أما بالنسبة لأخت موسى -عليه السلام- فقد ورد ذكرها في قوله -تعالى-: (وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ۖ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ* وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ)، [القصص: 11- 12] وقد قيل إن اسمها كلثم أو كلثمة، ولكن لم يثبت ما يدل على ذلك.