اسأل الله أن يغفر لهما ويرحمهما ويرفع درجتهما، ويجزيك عن زيارة قبرهما أجراً عظيماً، فزيارة القبور تذِّكر بالأخرة، أمَّا زيارتك لهما يوم الجمعة لكونها يوم إجازتك فلا حرج عليك في ذلك لأنَّك لم تخص هذ اليوم لاعتقاد فضيلة الزيارة فيه.
اعلم أن الميت لا يرى من يزوره رؤيةً حقيقية لا يوم الجمعة، ولا غير يوم الجمعة، فهو لا يرى من يزوره مطلقاً باتّفاق أهل العلم، لكن يكون إحساساً وردَّاً للسلام.
فالميت بمجرد موته ينتقل إلى حياة أخرى وهي حياة البرزخ، وهو في هذا العالم لا يرى شيئاً من حياتنا وعالمنا، وإن كان يرى أموراً أخرى تتعلَّق بالحياة التي يعيشها في قبره؛ كرؤيته للملكين اللذين يسألانه الأسئلة المعروفة، ورؤيته لمقعده من الجنَّة أو النار، وغير ذلك ممَّا وردت به الأحاديث الصحيحة.
أمَّا ما تعدَّدت به آراء العلماء، فهو إحساس الميت بزيارة من يزوره وسماعه له، وقد ورد في الحديث ما يدلُّ على سماع الميت سلام من يزوره، ومعرفته له إذا كان ممن يعرفه في الدنيا.
ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من أحد مرَّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا، فسلم عليه، إلاَّ عرفه وردَّ عليه السلام). رواه ابن عبد البر في الاستذكار وغيره وصحّحه جماعة من العلماء منهم ابن تيمية والسيوطي
ونُقِلَ عن السلف آثار تفيد هذا المعنى وهو معرفة الميت لمن يزوره وشعوره به، حتى ذكر ابن القيم -رحمه الله- في كتابه الروح أنَّ السلف مجمعون على هذا المعنى، فقال: "وقد تواترت الآثار عنهم بأنَّ الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به".
لذلك احرص على الدعاء والاستغفار لهما، وهب أجر الأعمال الصالحة لهما حيثما كنت، ولا يشترط تكرار الزيارة أسبوعياً، فدعاؤك وإهداؤك ثواب قراءة القرآن لهما يصلهما حيثما كنت.
والله أعلم