قرأت عن قصة الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه مع قطته، وشعرت عندها أنه صحابيا رقيق القلب، وأريد التعرف عليه أكثر ومعرفة كل صفاته، سواءً أكانت صفاته الخَلقية أم الخُلقية، فما هي صفات أبو هريرة؟
حياك الله السائل الكريم، اعلم أنّ الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- ممّن شُهد الله لهم بطهارة القلوب، وصدق الإيمان، وأُحلَّ عليهم الرضوان، وأُعدت لهم فسيح الجنان، قال الله -تعالى- عنهم: (وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّـهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجري تَحتَهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا ذلِكَ الفَوزُ العَظيمُ). "سورة التوبة: 100"
وفيما يأتي ذكر صفات الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه-:
كان رجلًا ذا هيبة ووقار، عريض المنكبين، في أسنانه فرق، أبيض البشرة في أصله، لشعره ضفيرتان، يطلق اللحية اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ويحنِّيها باللون الأحمر، ويحفّ الشارب.
كان -رضي الله عنه- محبًّا للنبي -صلى الله عليه وسلم- متعلقًا به؛ ولذلك كان من أكثر الصحابة ملازمةً للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أثر عنه في روايته للحديث الشريف وقد كان يقول: "أوصاني خليلي"، وهذا يدل على شدة تعلقه بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
كان محبًّا للعلم وأهله؛ وكان فقيهًا وراويًا للحديث، يحسن التلقين والفتوى، وقد أورد الإمام البخاري أن الرواة الذين نقلوا عنه قد يزيد عددهم عن الثمانمئة راوٍ من الصحابة والتابعين.
كان كثير العبادة والذكر، ورعًا تقيًّا، ومن مظاهر عبادته ما ورد عن أحد الصحابة قال: (تضيَّفتُ أبا هريرةَ سبعًا فكان هو وامرأتُه وخادمُه يعتقِبونَ الليلَ أثلاثًا يُصلِّي هذا ثم يوقظُ هذا ويصلِّي هذا ثم يرقدُ ويوقظُ هذا). "أورده الألباني، صحيح"
بارًّا بأمه، يحبها حبًّا كبيرًا، حريصًا على دعوتها للإسلام حتى أسلمت، كما يروي القصة بنفسه فيقول: (فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إلى البَابِ، فَإِذَا هو مُجَافٌ، فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ، فَقالَتْ: مَكَانَكَ يا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ المَاءِ، قالَ: فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا، وَعَجِلَتْ عن خِمَارِهَا، فَفَتَحَتِ البَابَ، ثُمَّ قالَتْ: يا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قالَ: فَرَجَعْتُ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الفَرَحِ). "أخرجه مسلم"
صاحب ذاكرة قوية؛ ولذلك كان من أكثر الصحابة روايةً لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- 5374 حديثًا.
كان فقيرًا زاهدًا؛ وقد كان من أهل الصُفّة؛ وهم الذين تفرغوا للجهاد وطلب العلم، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكرمهم ويرسل إليهم الطعام والشراب ويجالسهم ويأكل معهم.
كان شجاعًا جريئًا في السؤال عما يجهل من أمور الدين، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)، "أخرجه البخاري"
هو الصحابي الجليل عبد الرحمن بن صخر الدوسي، من قبيلة دوس في اليمن، لقب بأبي هريرة نسبةً لهرة صغيرة كان يلاعبها، توفي -رضي الله عنه- في المدينة المنورة عن عمر 78.