عرفت من أحد أصدقائي أن آخر غزوة للرسول صلى الله عليه وسلم كانت في السنة التاسعة للهجرة، وأنها كانت من الغزوات الهامة جداً؛ لأنها مهدت لفتح بلاد الشام فيما بعد، ولكني نسيت اسم هذه الغزوة، وأريد أن أعرف ما هي آخر غزوات الرسول؟
أهلا وسهلاً، وزادك الله حرصاً ومعرفةً بسيرة الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم-، إن آخر غزوة غزاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت غزوة تبوك، ووقعت في رجب من السنة التاسعة للهجرة، وغزوة تبوك نظير فتح مكة في قذف الرُعب في قلوب أعداء الإسلام.
وقد شكلت هذه الغزوة احتكاكاً بأعظم قوة وأكبر دولة في ذلك العصر، فهى بداية الطريق نحو فتح بلاد الشام، ومهدت الطريق لفتوحات عظيمة، كما أنها بددت ما كان يُقال حول أن الإسلام شعلة ملتهبة ستنطفىء أو سحابة صيف عابرة.
ورد في سبب غزوة تبوك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصله خبراً بتجهز الروم لغزو حدود العرب الشمالية، فقد كانت الغاية الحقيقية من هذه الغزوة إرهاب الدول المجاورة، والتي كانت يُخشى منها على مركز الإسلام والمسلمين، وعلى الدعوة الزاحفة وقوتها الناشئة.
وهي الحكمة التي ذكرها القرآن الكريم في سياق الآيات التي نزلت في غزوة تبوك، قال الله -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا قاتِلُوا الَّذينَ يَلونَكُم مِنَ الكُفّارِ وَليَجِدوا فيكُم غِلظَةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّـهَ مَعَ المُتَّقينَ).[التوبة :123]
فتحققت هذه الغاية، فلم يقابل الروم هذا الزحف الإسلامي بزحف مقابل له، وبتحركات عسكرية؛ بل كان هنالك نوع من الانسحاب من جيش الروم مقابل هذا التحدي، وصاروا يحسبون لهذه القوة الإسلامية الناشئة حساباً لم يحسبوه من قبل.
وهي القبائل التي لم يدخل لها الإسلام في جزيرة العرب، والقبائل العربية المنتصرة الخاضعة لنفوذ الإمبراطورية الرومانية والتابعة لها، وإتاحة الفرصة أمامها للتفكير في أهمية الدين الإسلامي جدياً، وذلك ما أشار إليه القرآن الكريم، قال الله -تعالى-: (وَلا يَطَئونَ مَوطِئًا يَغيظُ الكُفّارَ وَلا يَنالونَ مِن عَدُوٍّ نَيلًا إِلّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّـهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ).[التوبة :120]