شاهدت البارحة فيلم الرسالة واستوقفني مشهد بلال بن رباح و ثباته على الدعوة، أردت معرفة؛ ما الذي حصل لبلال بن رباح بعد وفاة الرسول؟ هل ظل مؤذناً؟
حياك الله أخي السائل، بعد انتقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى واستلام أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- زمام الخلافة لم يعد بلال يؤذّن، فبعد أن مات رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، كان النداء للصلاة مؤذياً لبلال، لما يهيج من مشاعر الحزن والاشتياق.
وفي أوّل نداء للصلاة بعد أن دفن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف بلال ينادي للصلاة، وعندما وصل إلى ذكر اسم محمد رسول الله أجهش بالبكاء، حاول أن يكمل الأذان لكنّه لم يستطع، فطلب منه أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- أن يؤذّن، قال: "لا أؤذن لأحد بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
وعندما استعدّ جيش أسامة بن زيد للخروج إلى الشام إنفاذاً لما كان يريده -صلى الله عليه وسلم- قبل التحاقه بالرفيق الأعلى، أراد بلال بن رباح -رضي الله عنه- أن يُشارك بالجهاد مع ذلك الجيش، إلّا أنّ أبا بكر الصديق لم يأذن له، فبقي بلال بن رباح -رضي الله عنه- في المدينة إلى أن توفي أبو بكر الصديق-رضي الله عنه وأرضاه-.
ظلّت نفس بلال -رضي الله عنه- تُحدثه بالجهاد، وكان يقول عن نفسه: "لم أطق أن أبقى في المدينة بعد وفاة الرسول-صلى الله عليه وسلم-"، فلما تولى عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- الخلافة خرج بلال إلى الشام ليكون في صفوف المجاهدين على ثغور المسلمين.
وبعد سنوات زار أمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه- الشام ودعا بلال، إذ حان وقت الصلاة، وطلب منه أن يؤذّن، فصعد بلال المنبر وأذّن، فبكى وأبكى الناس، وكان عمر أشدهم بكاءً.
توفي بلال في دمشق في سنة 20 للهجرة، وكان ذلك بسبب الطاعون الذي انتشر في بلاد الشام، ولما حضرته الوفاة أخذت زوجته تبكي بجواره، فيقول: "لا تبكي، غدًا نلقى الأحبة محمدًا وصحبه"، وبكت زوجته وقالت: "واحزناه"، قال لها: "بل وا طرباه" -رضي الله عنه وأرضاه- وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا الجزاء.