السلام عليكم، تعرضت للظلم منذ فترة قصيرة، وأكثر دعاء كنت أدعوه هو حسبنا الله ونعم الوكيل، وأعرف أنّ هذا الدعاء ورد في القرآن الكريم، وأريد أن أعرف سبب وروده، وكم مرة ذكرت حسبنا الله ونعم الوكيل في القرآن؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أسأل الله -تعالى- أن يرّد إليك مظلمتك، وأن يجزيك جزاء الصابرين، وقد أصبت بقولك: "حسبي الله ونعم الوكيل"، لما لها من أجر كبير، وأثر عظيم عند ربك، ويُقصد منها تفويض الأمر لله -تعالى-، وتسليمه إياه.
وقد وردت حسبي الله ونعم الوكيل في القرآن الكريم بهذا اللفظ مرة واحدة في قول الله -تعالى-: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، "آل عمران: 173".
وأمّا سبب ورود هذا الدعاء في الآية السابقة؛ فذلك للحادثة التي وقعت مع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عقب غزوة أحد عندما سمع أن قريشًا تريد العودة إلى المدينة وقتل باقي المسلمين، وكان ذلك في السنة الثالثة للهجرة.
فجمع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- الناس، وطلب من الذين حضروا أُحدًا أن يخرجوا معه، فخرج رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومعه سبعون رجلًا منهم: أبو بكر الصديق والزبير بن العوام -رضي الله عنهما-، وساروا حتى وصلوا حمراء الأسد.
ونزلوا هناك لمدة ثلاثة أيام، حتى سمع بذلك أبو سفيان وأراد أن يُرهِب المسلمين، فأرسل إليهم خبرًا مع رَكب من عبد القيس كان يتّجه إلى المدينة، فقال لهم: "هل أنتم مُبلغون عني محمداً رسالة، وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيباً بعكاظ إذا أتيتم إلى مكة؟ قالوا: نعم، قال: فأبلغوا محمداً أنّا قد أجمعنا الكَرَّة لنستأصله ونستأصل أصحابه".
فلما وصل الركب وأخبروا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بما قاله أبو سفيان، قال عندها النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومن معه من المسلمون: حسبنا الله ونعم الوكيل، والمقصود بـ: "حسبنا الله": أي إن الله -تعالى- هو كافينا من كل همّ، وإليه يرجع الأمر كله، وهو تفويض والتجاء للخالق -سبحانه-، وهو من التوكل على الله.
وقد عدّه العلماء دعاءً يُقال في الضيق والهموم، وعند الخوف والفزع، وكذلك عندما يتعرّض الإنسان للظلم، فبقولها تلتجئ إلى الركن الركين الذي بيده تدبير الكون كله، ولا يعجز سبحانه عن نُصرتك على من ظلمك، وردّ مظلمتك إليك، فأحسن التوكل والدعاء، واسأل الله تعالى أن ينصرك نصرًا عزيزًا.