ن ينتشر القول بإن أكل لم الإبل يسبب قسوة القلب، فهل لذلك علاقة بأن الإبل يلزم الوضوء بعد الأكل من لحمهاسمعت أن لحم الإبل منهي عن أكله؛ وهل صحيح أن لحم الإبل يقسي القلب؟
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله لك في الموهوب وشكرتَ الواهبَ، ورزقك الله بِرَّه..
أمّا أكل لحم الجَمل ليس بحرام ولا مكروه، كما أنّه ليس بمستحب كما يظنّ البعض، وهو من المُباحات، أمّا هل أكلُه يُقسّي القلب؟ فليس في ذلك شيء ثابت، ولرُبما يكون ذلك صحيحاً، فقد استنبطَ بعض العلماء أنّ لحم الإبل يُقسّي القلب وذلك من شيئين:
لما ورد عن جابر بن سمرة، أنه قال: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ... أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ)، أخرجه مسلم في صحيحه.
لما ورد عن حديث رسول الله في تناول الإبل، وفيه قال: (وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ، فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ)، رواه أحمد في المسند، وهو صحيح، كما أورد البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (وَالفَخْرُ وَالخُيَلَاءُ فِي أَهْلِ الخَيْلِ وَالإِبِلِ، وَالفَدَّادِينَ أَهْلِ الوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الغَنَمِ).
فاستنبطَ العلماء من الحديثَيْن؛ أنّ الوضوء بسبب ما يتركُه أكلُ لحوم الإِبِل من القسوة، قال ابن تيمية: "فالإبلُ فيها قوةٌ شيْطانيّة والغاذي شبيه بالمُغتذى؛ ولهذا حرّم كلّ ذي نابٍ من السّباع وكلّ ذي مَخلبٍ من الطّير: لأنّها دوابّ عادية بالاغتذاء بها، تجعل في خَلْق الإنسان من العُدوان ما يضرّه في دينه، فنهى الله عن ذلك؛ لأنّ المقصود أن يقوم الناس بالِقسط، والإبل إذا أكل منها تُبقي فيه قوّةٌ شيطانيّة"، ولكنّ هذه القوّة الشيطانيّة تزول بالوضوء.
والله -تعالى- أعلم.