أنا فتاة أتدرب في المحاماة الشرعية، وعندي بحث يتعلق بحالات استرجاع المهر كاملاً، وعند الاطّلاع على مسائل صداق المرأة المطلقة قبل الدخول بها احتجت للتأكد من مسألة أتمنى مساعدتي فيها، وهي: متى يحق للزوج المطالبة بالمهر قبل الدخول؟
أهلاً وسهلاً بك، ونفعك الله بالعلم النافع، نستعرض معاً أختي الكريمة الحالات التي يحقّ للزوج المطالبة بالمهر قبل الدخول على النحو الآتي:
سواء أكان التراجع عن الخطبة من قبل الزوج أو الزوجة؛ وذلك قبل العقد الصحيح؛ وبهذا العدول يحقّ للزوج المطالبة بكامل المهر الذي دفعه؛ إذ إنّ المهر يجب بعد العقد الصحيح سواء قبل الدخول أو بعده، كما ذهب الحنفية إلى أنّ استرجاع المهر يكون عيناً إذا كان متوفراً، أو بالقيمة إذا تمّ صرّفه.
وذلك بإجماع الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة؛ لأنّ الزوجة تستحق المهر مقابل منافعها، فإذا تم فسخ العقد من قِبَلِها قبل الدخول والخُلّوة الشرعيّة الصحيحة، استحقّ الزوج العوض باسترجاع المهر كاملاً.
وهذا قبل الدخول والخُلّوة الشرعيّة الصحيحة؛ فإذا كان الفسخ من قِبَل الزوجة لوجود عيب في الزوج سقط المهر لتنازل الزوجة عنه بالفسخ؛ وبذلك يعود المهر للزوج، أمّا في حال تمّ فسخ العقد قبل الدخول من قِبَل الزوج لوجود عيب في الزوجة؛ فإنّها لا تستحق المهر لما كان منها من غش وخداع -في حال علمها بذلك العيب-، أو لفوات حقّ التمتع بها.
على أن يكون هذا العيب مانعاً من الاستمتاع، ولا تصحّ معه المعاشرة الزوجية؛ جاء في الموسوعة الفقهية: "إِنْ كَانَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ فَهِيَ الْفَاسِخَةُ -أَيْ طَالِبَةُ الْفَسْخِ- فَلاَ شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا فَسَبَبُ الْفَسْخِ مَعْنًى وُجِدَ فِيهَا، فَكَأَنَّهَا هِيَ الْفَاسِخَةُ، لأِنَّهَا غَارَّةٌ وَمُدَلِّسَةٌ".
وبعد تسمية المهر لها؛ فيستحقّ الزوج أن يرث نصف التركة بما في ذلك مهرها المسمى لها؛ إن لم يكن للزوجة وارث، كما يستحق الربع إن كان لها وارث؛ لأنّ العقد الصحيح يُوجب الإرث بين الزوجين؛ قال -تعالى-: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ). [النساء: 12]