السلام عليكم، أود السؤال عن أمر يتعلق بصحابي جليل سمعت قصته مرة، ولكنني نسيت اسمه، وما أذكره أنه ترك الثراء واستشهد في معركة أحد، فمن هو الصحابي الذي اعتنق الاسلام وترك الثراء واستشهد في معركة أحد؟
حياك الله السائل الكريم، الصّحابي الجليل هو مصعب بن عُمير، ولد بمكة المكرمة ونشأ فيها وكانت عائلته ثريّةً ومُترفةً، وكان يُعرف من بعيد من رائحة عطره، والده عمير بن مناف، من ساسة قومه وسادتهم، وأمه خنّاس بنت مالك، كانت كثيرة الغنى، وشديدة الحنو على أبنائها.
وجلس -رضي الله عنه- يوماً بين يدي النبي -عليه السلام- يسمع القرآن فرقّ قلبه وأسلم، وكان إسلامه سراً في دار الأرقم؛ خوفاً من قومه، فكان من السابقين إلى الإسلام، وعندما سمع قومه بإسلامه أنزلوا فيه كلّ أنواع العذاب، لكنه ثبت على الإسلام.
وهاجر إلى الحبشة تاركاً النعيم والثراء الذي كان عند أهله، ثم عاد مع المهاجرين عندما سمعوا بإسلام عمر وحمزة -رضي الله عنهم-، لكنه لم يلقَ ترحيباً من أهله، عانى مصعب من الفقر والحرمان في مكة.
وفي يومٍ من الأيام تمزق ثوبه، فقال -عليه السلام-: (انظروا إلى هذا الرجلِ الذي نوَّرَ اللهُ قلبَه لقد رأيتُه بين أبويْهِ يغذوانِه بأطيبِ الطعامِ والشرابِ فدعاه حبُّ اللهِ ورسولِه إلى ما تروْنَ). "رواه العراقي في تخريج الإحياء، وإسناده حسن"
وعند بيعة العقبة الأولى طلب الذين بايعوا الرسول أن يبعث معهم من يُعلّمهم دين الإسلام فبعث مُصعب، فكان أول سفيرٍ بالإسلام، وذهب إلى يثرب يعلّم الناس الإسلام و يدعوهم إليه، ومكث هناك سنةً كاملةً قبل قدوم الرسول -عليه السلام- إلى المدينة، فأسلم على يده الكثير من أهل المدينة.
وفي بدر كان حاملاً لواء المسلمين، وقاتل بشجاعةٍ كبيرةٍ، واستشهد في معركة أحد حينما اشتد القتال بين الفريقين ظل ثابتاً يردد آية: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)، "آل عمران: 144" فغدر فيه أحد فرسان قريش فضربه حتى استشهد -رضي الله عنه-.