حيّاك المولى، الصحابي المُلقب بذي الشهادتين هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأنصاري؛ ويُستحسن بي في هذا المقام توضيح عدّة أمور على النحو الآتي:
- معنى ذو الشهادتين
ويُقصد بذلك أنّ شهادة هذا الصحابيّ وحده تكفي في الأمور التي تحتاج إلى شهادة رجلين من الثقات؛ ومثالاً على ذلك ما كان من اشتراط أبي بكر الصّديق -رضي الله عنه- عند جمع القرآن الكريم؛ شهادة رجلين ثقتين على ثبوت الآية القرآنية في موضع محدد حتى تُكتب وتدون.
وقد جاء هذا الصحابيّ خزيمة بن ثابت -رضي الله عنه-، وشهد على الآيات الواقعة في أواخر سورة التوبة؛ فقبل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- شهادته وحده، وقال: "اكْتُبُوهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْن".
- السبب في كون شهادته بشهادتين
السبب الذي لأجله جعل النبي الكريم شهادة هذا الصحابي بشهادتين أنّه شهد للنبي -صلى الله عليه وسلم- بشراء الفرس من الأعرابي؛ حيث صحّ في السنة أنّ النبي اشترى فرسه المُرتَجِز من أعرابي، وأمره أن يلحقه إلى بيته ليعطيه الثمن؛ فأسرع النبي -صلى الله عليه وسلم- في السير، وأبطأ الأعرابي.
وفي الطّريق اعترض بعض الصحابة الأعرابي، وجعلوا يساومونه على ثمن هذا الفرس ليشتروه، ولم يعلموا أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد اشتراه؛ فلمّا زاد بعض الصحابة في الثمن طمع الأعرابي، وأراد بيعه؛ فخرج إليه النبي وأخبره أنّه قد باعه له، فأقسم الأعرابي أنّه لم يبعه له، فوقف خزيمة -رضي الله عنه- وشهد للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فتعجب النبي من فعله؛ إذ كيف يشهد بذلك وهو لم يكن في مجلس البيع؛ فقال له خزيمة: (بتَصديقِكَ يا رَسولَ اللَّهِ). [أخرجه أبو داود، وصحّحه الألباني]
قاصداً بذلك صدق رسول الله في تبليغ الرسالة، وبتأكيد الله -تعالى- على صدقه بوحي السماء؛ فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- من وقتها شهادة خزيمة بشهادتين، حيث كانت هذه المبادرة الصادقة، واللفتة الجميلة من خزيمة -رضي الله عنه- سبباً في أن تكون شهادته وحده بوزن شهادة رجلين اثنين