قرأت في سيرة الصحابي عبدالله بن رواحة رضي الله عنه، وعرفت أنه شارك في غزوة بدر وفي غزوة الخندق، وعرفت أنّه استشهد في غزوة مؤتة، لكنني أريد معرفة ماذا كان دور عبدالله بن رواحة في غزوة مؤتة؟
حياك الله، بدايةً عبدالله بن رواحة، هو صحابي جليل من الأنصار، أحد الشعراء الذين كانوا يدافعون عن النّبي -صلى الله عليه وسلم-، فعيّنه النبي ثالث أمير على جيش المسلمين الذاهب لملاقاة الروم في غزوة مؤتة، حيث كان زيد بن حارثة أوّل أمير على جيش المسلمين، ثم جاء جعفر بن أبي طالب، وما إن استشهدوا حتّى حمل الراية بعدهم الزبير بن العوام.
تأخّر عبدالله بن رواحة عن مسير الجيش؛ لأنه كان يملك فرساً نجيبةً يستطيع بها اللحاق بالجيش، وقصدَ بتأخره رؤية النّبي -صلى الله عليه وسلم- وسماع خطبته، فلمّا رآه النّبي -صلى الله عليه وسلم- عاتبه وبيّن له أنّ من سبقه إلى الغزوةِ قد فاقه أجراً.
ولمّا وصل جيش المسلمين إلى منطقة معان جنوب الأردن، بلغهم أنّ عدد جيش الروم يفوق المئتيّ ألف، في حين كان جيش المسلمين لا يتجاوز الثلاثة آلاف، فاجتمع المسلمون ليتشاوروا في ذلك، فمنهم من يدعو لملاقاة الروم على كلِّ الأحوال، ومنهم من يدعو إلى طلب رأي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومنهم من يقول بطلب المدد.
بعد ذلك قام عبدالله بن رواحة خطيباً فيهم قائلاً: "والله يا قوم ما التي تخشون إلّا التي خرجتم تطلبون، ونحن لا نقاتل النّاس بعَدَدٍ ولا قوّة، و إنّما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمَنا الله به، فانطلِقوا، فهي إحدى الحسنيين: النّصر أو الشهادة"، وكان لكلامه أثر عظيم في نفوس المسلمين وتقوية عزيمتهم لملاقاة أعدائهم.
وعندما بدأت المعركة واشتدّ القتال، استشهد زيد بن حارثة، ومن ثم جعفر بن أبي طالب، ثم استشهد عبدالله بن الزبير، ولمّا رأى ابن رواحة استشهاد أخويه، نزل إلى المعركة قائلاً قصيدته: "أقسمت يا نفس لتنزلنه، لتنزلن أو لتكرهنه" ثم استشهد.