قرأت مقالاً يتحدث عن الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، وعرفت أنّ أغلب البلاد تم فتحها في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأريد أن أعرف من فتح العراق في عهد الخلفاء الراشدين؟
حياك الله السائل الكريم، بدأ الفتح الإسلامي للعراق في زمن الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وذلك بعد أن قضى على حركة الرِّدة التي ظهرت بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكلّف خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لهذه المهمة، فاستطاع أن يفتح جميع العراق، التي كانت تحت الحكم المَجوسي الفارسي.
ولحاجة المسلمين الفاتحين للمَدَد في الجبهة الغربية -جبهة الحرب مع الروم-، وجّه أبو بكر الصديق خالداً إلى الشام؛ ليقود المسلمين في معركة اليرموك الشهيرة، وبعدها استطاع الفُرس من استعادة مناطق واسعة من العراق؛ ممّا اضطر الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن يُجهّز لفتحها مجدداً.
وأراد أن يخرج لذلك بنفسه، إلا أنّ إلحاح المسلمين عليه بعدم الخروج جعله يُكلّف سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- لهذه المهمة، حيث خرج سعد بقوّات بلغت عند تكاملها ستة وثلاثين ألف مجاهد؛ ليُلاقي الفرس الذين جمعوا لهم 120 ألف مقاتل وكان معهم ثلاثةٌ وثلاثون فيلاً، وهو سلاح لم تعرفه العرب من قبل.
وحدثت وقعة القادسية العظيمة في عهد عمر بن الخطاب، وكان ذلك سنة خمسة عشر للهجرة، وقبل نشوب القتال حاول سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- دعوة الفرس إلى الإسلام حسب تعاليم الإسلام في الحرب؛ فليست الحرب هدفاً بحد ذاتها، ولكنّ الهدف منها إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
وبعث إلى ملكهم "يزدجرد" وإلى قائد جيشهم رستم بالرّسل، يعرضون عليهم الإسلام، أو أن يدفعوا الجِزية إعلاناً للخضوع لشوكة المسلمين، أو القتال، ولكنّهم بسبب غرورهم اختاروا القتال على أن يبقوا على الضّلال، فبدأت المعركة شديدةً حامية الوَطيس، واستمرّ فيها القِتال أربعة أيام، وانتهت بانتصار كبير مُستحقّ للمسلمين، وهزيمة مُدويّة لعبدة النار، وقُتل فيها القائد رستم.