قرأت في سيرة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّه عطّل في عام الرّمادة حد السرقة، ولا أعلم ما هو الرابط بين هذا العام تحديداً وحدّ السرقة، أرجو توضيح المسألة، ما هو عام الرّمادة ولماذا سمي بهذا الاسم؟
حياك الله السائل الكريم، إن عام الرمادة من أشد الأعوام التي مرت على المسلمين في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ وذلك في عام (18هـ)، بعد عودة الناس من الحج، حيث احتبس عنهم المطر، وقل الزرع، وهلكت الماشية، حتى اسودت الأرض وأصبحت كالرماد؛ لذا سمي هذا العام بالرمادة.
وقد استمر هذا القحط مدة تسعة أشهر، حتى قيل إن بعض الناس اضطروا لأكل الفئران، ومنهم من اكتفى بأكل الزيت؛ حتى انتشرت الأمراض، وكثر الموت، وقل مخزون المدن والأرياف من الطعام والحبوب.
مما جعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يرفع حد السرقة في هذا العام؛ لأن شروط هذا الحكم لم تتوفر في الناس؛ إذ إن الذي يجوع ويأكل من مال غيره، ليس مخيراً بشيء آخر يضمن له البقاء على قيد الحياة سوى ما فعل.
وهذا من حرص عمر -رضي الله عنه- على الناس؛ فقد خشي أن يقع بالإثم إن أقام الحد على المضطر الجائع، كما أن الضرورات تبيح المحظورات، وهذا من عدالة الشريعة الإسلامية. ولقد استمرت هذه المحنة حتى استغاث الناس، وكثرت صلاتهم وتوبتهم، إلى أن أغاثهم الله برحمته -سبحانه-.