أنا شاب عاطل عن العمل، ونصحني أحد الأصدقاء بالتقديم لقرض بغرض التجارة عن طريق البنك، ولكني متردد، ولا أعلم متى يكون القرض ربا؟ وأحتاج لإجابة أطمئن لها: هل القرض بغرض التجارة حرام؟ وبشكل أدقّ: هل قرض البنك للمضطر حرام؟ أرجو الإفادة مع الشكر.
حياك الله السّائل الكريم، وأرشدك إلى الخير والصّواب، واعلم أنّ الرّبا ذنبٌ عظيمٌ ومُحرّم في الشريعة الإسلامية، فقد قال الله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَهِ وَرَسُولِهِ). [البقرة:278-279]
أمّا مسألة الضرورة لاقتراض القرض الحرام فقد ذهب العديد من أهل العلم إلى تحريم ذلك مطلقاً، وقالوا بعدم وجود مُسوِّغٍ شرعيٍّ يُجيز التّعامل بالرّبا، وعلى مَن وقع في الحاجة أنْ يلجأ إلى الله ويستعين به لفكّ كُربته، فهو القائل -سبحانه-: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)، [النمل:62] وعليه أن يبحث عن الوسائل المشروعة كالقرض الحسن، والتورّق، ونحوه.
والتورّق يعني أن يشتري الشخص سلعةً معيَّنةً بالتقسيط، ويبيعها لشخصٍ آخر غير الذي اشتراه منه بنقدٍ كامل؛ كأن يشتري أحدهم سيارةً بثمنٍ مؤجَّلٍ بالأقساط من شخصٍ، ثم يبيعها لشخصٍ آخر بثمن الكاش؛ وهو عادة ما يكون بثمنٍ أقل من ثمن الشراء بالتقسيط، ولعلّ هذا من أسهل الأبواب على من أُغلقت عليه السُّبل والوسائل الأخرى المشروعة.
في هذه الحالة ذهب بعض أهل العلم إلى جواز أخذ القرض المُحرّم للمُضْطرّ اضْطِراراً شديداً، والضرورة المقصودة هُنا تعني الحال التي يخاف فيها المرْء الهلاك والضرر الذي لا يمكن تحمّله إذا لم يأخذ هذا القرض، فقد رخّص الله لِمن خشي على نفسه الهلاك والموت أن يأكل من المَيْتة.
صحيحٌ أنّ بعض أهل العلم رخّصوا للمُضْطرّ الذي يخشى على نفسه الهلاك إن لم يقترض هذا المال بأخذه، ولكن لا يلجأ إلى هذه الوسيلة ابتداءً، حيث يُشترط ما يأتي:
وختاماً إذا لم تنطبق الضرورة وشروطها عليك فيحرم عليك اللّجوء للتّعامل بذلك لأنّه من الربا، وأنصحك بالبحث عن سدّ حاجتك بالطرق المشروعة، فقد صدق الله -عزّ وجلّ- إذ قال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا). [الطلاق:2-3]