البيت الذي ورد فيه ما تستفسر عنه، هو:
ألا هبي بصحنك فاصبحينا *** ولا تبقي خمور الأندرينا
يخاطب عمرو بن كلثوم التغلبي الجارية التي تصب له الخمر بقوله: ألا هبي أي استيقظي، يقال هب من نومه هباً إذا استيقظ، وقوله بصحنك: الصحن هو القدح أو الوعاء، وتجمع على صحون، وقوله فاصبحينا: أي وقت الصباح، وقوله الأندرينا: وهي اسم قرية من قرى بلاد الشام.
ومعنى البيت: أي استيقظي أيتها الجارية التي تسقي الخمر، واسقيني الخمر بالقدح في الصباح، ولا تدخري خمر قرية الأندرين، وهذا يعني أنه يريد الإكثار من الخمر، وقد كان الشعراء يبدأون أشعارهم بذكر الخمر ومدحها، وهذا البيت مطلع معلقته، وهي أشهر شعره وأشعره، وهي حماسية فخرية، وما وصل إلينا منها هو جزء يسير منها.
وعمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن زهير التغلبي، من بني تغلب بن وائل، كنيته أبو عباد، وينتهي نسبه إلى معد بن عدنان، وأمه هي ليلى بنت مهلهل الذي هو أخو كليب المشهور، وكان أحد فرسان بني تغلب وشعرائهم الكبار، وقد كان سيداً على قومه وهو ابن خمسة عشرة سنة، وكان جريئاً شجاعاً مقداماً وكان يضرب به المثل في الفتك.
وقد فتك بعمرو بن هند لما حاول عمرو بن هند إذلال عمرو بن كلثوم لما رأى منه الكبرياء والفخر والشدة والتباهي، وذلك أنت عمرو بن هند سأل هل هناك امرأة تأنف أن تخدم أمه، فقيل له: أم عمرو بن كلثوم وهي ليلى بنت عدي بن ربيعة المهلهل المشهور بالزير سالم، فدعا عمرو بن هند عمرو بن كلثوم وأمه.
فلما كانت أم عمرو بن هند مع ليلى، قالت لها: ناوليني الطبق، فلم ترض ليلى، وقالت لها: صاحبة الحاجة أولى بها، فصاحت ليلى: وا ذلّاه، فسمعها ابنها فضرب عنق عمرو بن هند.