وعليكم السلام أخي الكريم، الأمر الذي ذكرته عن صاحبك الملتزم من أنّه يخرج الجنّ من الجسد بالرقية الشرعية، وأنَّه يأمر الجنّ بأن يخرج من موضع معيَّن من جسد الإنسان، فهذا يختصّ بموضوع المسّ، ويقصد به: تلبُّس الشيطان في جسد الإنسان بطريقة يحاول أن يؤثر فيها على تصرفاته وحالته.
ومثل هذا التلبُّس أو المسّ أمر حقيقي واقع، وقال به كثير من علماء المسلمين، وهو أمر مشاهد، وخروج الجنّ يكون بالرقية الشرعية كما ذكرت، أما أمرُ الراقي الجنَّ بالخروج من جسد المتلبَّس فيه من موضع معيَّن، فهذا ممكن أيضاً بحسب قوة إيمان الراقي وتمكُّنه، فقد يخاف منه الجني إلى درجة أن يطيعه ويخرج من الجسد من الموضع الذي يأمره منه.
وليس لمكان خروج الجنّيّ موضع محدّد حتى نسأل عن أماكن خروج الجن من الجسد، ولكن بعض المختصين بالرقية يضغطون على الجنَّيّ بكثرة قراءة القرآن؛ فيضطروه إلى الخضوع والخروج من أماكن لا يؤذي منها الجسد، فيحذرون خروجه من العين مثلاً، ويطلبون خروجه من أصابع القدم، وهذا ممكن أيضاً لأنَّ الجنِّيّ حريص على إيذاء جسد الممسوس، وخروجه من بعض الأماكن كالعين فيه أذيّة للإنسان؛ فيحذِّره من ذلك.
وكلام الراقي مع الجنِّيّ، وحصول محاورة بينهما، أمر واقع ممكن والنصوص الشرعية تثبته، لكنّه ليس بالكثرة المُشاعة بين الناس، فكثير من هذه الأمور فيها وهم وخيالات، وبعض الناس يصيطر على أفكارهم هذا الأمر بمجرّد أنّ أحسّ أحدهم بأي تغيّر نفسي أو جسدي، ويصبح الأمر أشبه بالوسوسة المسيطرة على حياتهم.
ولكني أنبهك أن قول صاحبك أنّه يستطيع إخراج الجنّ مهما كان شديداً، لا يبنغي له إطلاقه؛ لأنّ الأمر راجع إلى إرادة الله وحده، فهو النافع الضارّ، والبشر إنّما هم أسباب يقضي الله على أيديهم ما يشاء، فلا ينبغي له أن يثق في نفسه بل يرجع الأمر إلى الله وحده.
أمّا ما ذكرته في سؤالك وهو الحسد، فإنّ الحسد لا يخرج من موضع معين في الجسم أو يطلب منه الخروج لأن سببه ليس الجن، وإنّما العين الإنسية الحاسدة، فلا ينطبق عليها سؤالك، والله تعالى أعلى وأعلم.