حياك الله السائلة الكريمة، وأسأل الله أن يفرّج كربتك، واعلمي عزيزتي أنّ اليأس من إجابة الله للدعاء لا يدلّ على قرب الفرج، بل إنّ اليأس من موانع استجابة الدعاء، فقد قال -تعالى-: (لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَهِ)، [الزمر:53] وقال -عليه الصلاة والسلام-: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي). [أخرجه البخاري]
لِذلك لا تيأسي، فاليأس يُنافي آداب الدّعاء، بل استمرّي بمناجاة الله، وأحسِني الظنّ به -سبحانه-، ولا تُطفئي شعلة الدّعاء والتضرّع إليه -تعالى-، وأبشري بالأجر العظيم، أو صرف السّوء عنكِ بسبب دعائك، أو الإجابة في الوقت الذي يراه الله مناسباً لك.
وقد يتعب المؤمن من البلاء، ولكنّه لا يفقد الأمل واليقين برحمة الله، ولا يملّ من الدعاء، واقرئي إن شئتِ قول الله -سبحانه-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، [الزمر:10] وقوله: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، [البقرة: 155] وقول النبيّ الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حتَّى تَمَلُّوا). [أخرجه البخاري]
واعلمي أيضاً أنّ اليأس من مداخل الشيطان، فهو يسعى جاهداً حتى يصرف المسلم عن ذكر الله ودعائه، وممّا يُعين على قرب الفرج الصبر، والتوفيق للدعاء، والتعلّق بالله عند ازدياد الشدّة، وحسن الظنّ به، أمّا اليأس فلا يُفيد المؤمن في شيء، فالواجب على المرء أن يدعو الله رجاءً وخوفاً وطمعاً بما عنده من الخير.
وقد يكون البلاء والضّيق سبباً لاقتراب الفرج، ولعلّه ما قصدته جدّتك، فقد قال -سبحانه-: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)، [يوسف:110] وليس المقصود أنّ الرسل هنا يئسوا من وعد الله وإجابته، ولكنّهم يئسوا من إيمان أقوامهم واشتدّ عليهم البلاء والأذى، فأيقنوا بنصر الله، فنصرهم وفرّج عنهم.