أسمع كثيرًا مقاطع على الإنترنت أن الاستغفار به تغفر الذنوب وتقضى الحوائج، وأنا عندي أمور متعسرة جدًا وأريد أن أداوم على الاستغفار بنية تيسير أموري، فما حكم الاستغفار لقضاء الحوائج؟
حياك الله وبارك بك السائل الكريم، ورد في آيات وأحاديث كثيرة عن فضل الاستغفار وآثاره وثمراته في جلب الخير ودفع الشر؛ فقال -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا). "نوح: 10-12"
وإجابة على سؤالك؛ فقد قال بعض العلماء بأنه لا داعي من تحديد أمر دنيوي معين من أجل تحقيقه؛ لأنه سيتحقق تلقائياً إذا كان فيه خير للشخص، وذلك بمجرد الإخلاص فيه والمداومة على قوله، وقال آخرون في حكم الجمع بين الاستغفار وقضاء حاجة محددة: لا حرج ولا مانع من الجمع بينه وبين النية من أجل تحقيق أمر دنيوي معين.
وقد أخبر بعض العلماء بأنه قد يحصل نقص في الأجر إذا كان هَمُّهُ فقط تحقيق هذا الغرض وهذه المسألة الدنيوية، وعدم التفاته للأجر في الآخرة.
ولم يرد نص صريح فيه استغفار بهدف تحقيق أمر معين وخاص ومحدد؛ كالاستغفار من أجل الزواج، أو من أجل جلب وظيفة معينة وغيرها، بل كانت النصوص في القرآن والسنة عامة، وتدل على أنه يجلب الخير ويدرأ الشر والعذاب عن قائله بشكل عام، فكما قال الله -تعالى-: (وَما كانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فيهِم وَما كانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ). "الأنفال:33"
وقال الله -تعالى-: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ)، "هود: 3" فالاستغفار سعة في الرزق، ورغد في العيش، وأمن من العذاب، ووقاية من كل مكروه.
وقالوا بأن قوله يشمل جلب خيريّ الدنيا والآخرة معاً، وعن ابن عباس عن النبي -عليه السلام- قال: (من لزِم الاستغفارَ جعل اللهُ له من كلِّ ضيقٍ مخرجًا ومن كلِّ همٍّ فرَجًا ورزقه من حيث لا يحتسِبُ). "أخرجه أبو داود، صالح للاحتجاج"