أحيانًا يؤذيني بعض الأشخاص، فأخطط للانتقام منهم، لكنني أسمع أن مكر الناس لبعضهم محرم، وأريد أن أعرف كيف يكون مكر الناس لبعضهم؟ وما معنى مكر الناس؟
حياك الله السائل الكريم، بدايةً المكر هو إرادة الماكر فعل السوء والأذى بالشخص الذي لا يعلم بما يخبئه له الماكر، وهو آمن في نفسه، ولا يحتسب أذى أبداً.
وبالنسبة لحكم المكر، وهل هو محرم أم لا، فيقول الله -تعالى-: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ)، "سورة فاطر: 43" لذلك فإنّ هذه الآية الكريمة تقرّر حكمة قرآنية وعدلاً من الله -تعالى- وهو؛ من عمل صالحاً مخلصاً لله لقي جزاء ذلك في الدنيا والآخرة بإذن الله -تعالى-، ومن عمل سيئة استحقّ العقوبة في الدنيا والآخرة، إلّا أن يعفو الله -تعالى- عنه، وبذلك يتبيّن لنا أنّ المكر للناس محرم في الشريعة الإسلامية.
أمّا بالنسبة لكيفية مكر الناس لبعضهم، فهناك الكثير من الأمثلة الواردة في القرآن وغيرها من الواقع، نذكر بعضها فيما يأتي:
حين آمن السحرة، ففوجئ بإيمانهم لأنّه لم يكن يتوقعه، فاعتبر ذلك مكراً ولم يسمّيه خداعاً، قال -تعالى-: (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ). "سورة الأعراف: 123"
حين أردات النسوة بها مكراً بعد ما حصل بينها وبين يوسف -عليه السلام- ، قال -تعالى-: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ). "سورة يوسف: 31"
لم يكن يتوقع يوسف أن يصيبه منهم ما أصابه، فأصبح فعلهم بحق أخيهم مكراً، قال -تعالى-: (ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ). "سورة يوسف: 102"
من صور المكر أيضاً، شاب يواعد فتاة حتى يستدرجها، ويحلف لها أغلظ الأيمان أنّه لا يريد إلّا الزواج، كل ذلك ليصل منها إلى ما يريده، فإذا حصّل منها مراده تركها.