سألني ابني عن سؤال في مسابقة مدرسية حول الأنبياء عليهم السلام، والسؤال كان عن نبي لم يدفن، وبحثت له في بعض المراجع ولم أتمكن من الحصول على معلومة أطمئن لها، فمن هو النبي الذي مات ولم يدفن؟
ياك الله أخي الكريم. بعد البحث والاطلاع على عدد من المراجع؛ وجدت أن أصحاب السير والآثار ذكروا نبياً لبني إسرائيل يدعى "دانيال عليه السلام"؛ مات بتستر، ووجدت جثته على أيدي المسلمين في زمن خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وقد كان زمن بختنصر الذي خرب بيت المقدس.
جاء في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أنس: "أَنَّهُمْ لَمَّا فَتَحُوا تُسْتَرَ قَالَ: "فَوَجَدَ رَجُلًا كَانُوا يَسْتَظْهِرُونَ وَيَسْتَمْطِرُونَ بِهِ، فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالنَّارُ لَا تَأْكُلُ الْأَنْبِيَاءَ، وَالْأَرْضُ لَا تَأْكُلُ الْأَنْبِيَاءَ، فَكَتَبَ: أَنِ انْظُرْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ -يَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي مُوسَى-؛ فَادْفِنُوهُ فِي مَكَانٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُكُمَا، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو مُوسَى فَدَفَنَّاهُ".
كما جاء في دلائل النبوة للبيهقي عن خالد بن دينار عن أبي العالية: "لَمَّا افْتَتَحْنَا تُسْتَرَ وَجَدْنَا فِي بَيْتِ مَالِ الْهُرْمُزَانِ سَرِيرًا عَلَيْهِ رَجُلٌ مَيِّتٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مُصْحَفٌ لَهُ، فَأَخَذْنَا الْمُصْحَفَ، فَحَمَلْنَاهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عَنْهُ- فَدَعَا لَهُ كَعْبًا فَنَسَخَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ.. ثم قال له خالد بن دينار: مَا صَنَعْتُمْ بِالرَّجُلِ؟ قَالَ: "حَفَرْنَا بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا مُتَفَرِّقَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ دَفَنَّاهُ وَسَوَّيْنَا الْقُبُورَ كُلَّهَا، لِنُعَمِّيَهُ عَلَى النَّاسِ لَا يَنْبُشُونَهُ".
ثم سأله عن سبب ذلك؛ فذكر له أن الناس كانت تعظمه، وتأتيه عند انحباس المطر؛ فأمر به عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ فدفن في مكان لا يعلمه الناس خشية الفتنة، وقد قال أبو العالية أن الرجل كان يدعى "دانيال"؛ وقد مات منذ (300) سنة ولم يتغير جسده؛ لأن أجساد الأنبياء لا تبلى.
وقد أكد ابن كثير -رحمه الله- على صحة هذه الأخبار والأسانيد؛ لكنه رجح أن يكون "دانيال" رجلاً من الصالحين، أو نبياً كان قد بعث قبل عيسى -عليه السلام-.