السلام عليكم، قبل فترة قصيرة تعرضت لظلم شديد من بعض الأشخاص، وقد عيّروني بمرضي وأريد أن يصيبهم مثله، وعلمت أن دعوة المظلوم مستجابة، فهل يجوز الدعاء على الظالم بالمرض؟
حياكم الله السائل الكريم، لقد ثبت في القرآن الكريم جواز الدعاء على الظالم بمقدار ظلمه، كما في قول الله -تعالى-: (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ)، "النساء:148" فقد قال العلماء في تفسير هذه الآية أنّ الله -تعالى- لا يحبّ أن يدعو العباد على بعضهم، واستثنى من ذلك دعوة المظلوم، فقد رخَّصَ له أن يدعو على مَن ظَلَمه.
وقال العلماء إن الدعاء يكون بمقدار ظلمه لك فقط، فإن دعا عليك بالمرض، فلك أن تدعو عليه بمثل ذلك، والعفو عنه أولى وأحسن، وإن شتمك الظالم جاز لك أن تشتمه بمثل ما شتمك به، دون الزيادة أو التعدّي عليه، ولا يجوز الكذب على الظالم، ولا الدعاء على غيره بسبب ظلمه لك من أولاده، أو زوجته، أو والديه وغيرهم، قال الله -تعالى-: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). "فاطر: 18"
وقد قال غالبية العلماء بأن الأَوْلى أن يَصْبر المسلم على أذى الظالم وشرِّهِ، فإذا صبر واحتسبه عند الله -سبحانه-، فإنه سينال أجراً عظيماً بإذنه -تعالى-، ويجوز للمظلوم أن يخبر عن ظلم الظالم للناس، ويكون ذلك بدون الاسترسال في القول، قال الله -تعالى-: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَـئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ)، "الشورى: 41" أي مَنْ انتصر ممن ظلمه بعد وقوع الظلم عليه فلا حرج عليه في ذلك.
وقال بعض العلماء إنّ الدعاء على الظالم يكون بقول: "حسبي الله ونعم الوكيل"، فعن عبد الله بن عبّاس قالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كانَ آخِرَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ: حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ)، "أخرجه البخاري" فقال ذلك بعد ظلم قومه له، وإلقائه في النار، وقيل أيضاً إنّ الدعاء على الظالم يكون بقول: اللهم أعنِّي عليه، واستخرج حقي منه.