لدي سؤال يتعلق بالحملات الصليبية، بالرغم من أنني قرأت معلومات كثيرة عنها، إلا أنني لم أمر على معلومة تتحدث عن سبب تسميتها بهذا الاسم، فلماذا سميت الحملات الصليبية بهذا الاسم؟
حيّاك الله، سُمّيت الحملات الصليبية بذلك لأن المحاربين كانوا يخيِّطون الصلبان على ملابسهم، ولم يسمُّوا حروبهم حينها بالحملات الصليبية؛ بل إن هذا المصطلح لم يظهر إلا في آواخر القرن الثاني عشر الميلادي حينما ظهرت الكلمة اللاتينية (Crusesignati)، ومعناها (الموسوم بالصليب)، وبعدها أطلقوا على هذه الحروب الحملات الصليبية، واستخدم مؤرخو الغرب هذا المصطلح؛ ليبينوا لشعوبهم أن هذه الحروب كانت نبيلة الغاية والهدف.
وفي وقت الحملات الصليبية كان الأوربيون يطلقون على من يشارك في هذه الحملات (Preregrini)، ومعناها (الحجاج)، وكانوا يدعون الحملة كلها بـ: (Peregrinotio)، ومعناها: (رحلة الحج)؛ وذلك لأن رحلاتهم إلى القدس غالبا تكون للحج، ولهم أسماء أخرى عن هذه الحملات، وليس فيها لفظ (الصليبية).
ومن الأسماء التي تدلُّ على قوة الدافع الديني في هذه الحروب وقوة تأثيره فيها: Sacrum Guerre Saint)-(Bellum))، وتعني (الحرب المقدسة)؛ وذلك لأنّهم هيّجوا مشاعرهم الدينية بإنقاذ قبر المسيح من المسلمين، والانتقام للحجاج المسيحيين، مدَّعين أن المسلمين آذوهم إيذاء شديدا. ويُعدُّ البابا أوربان الثاني وبطرس الناسك من أكبر محرضي أوروبا على الحرب الصليبية الأولى.
وإذا نظرنا إلى مؤرخي المسلمين الذين عاصروا هذه الحروب مثل: ابن الأثير، وابن القلانسي، وابن شداد، والعماد الأصفهاني، والمقريزي، وبدر الدين العيني، وغيرهم، فلا نجد أنهم سَمُّوا هذه الحروب بالحروب الصليبية، بل أطلقوا عليها (حركة الفرنجة). واستخدام العرب المعاصرون مصطلح (الحملات الصليبية) بسبب ترجمتهم لكتب مؤرخي الغرب التي تتحدث عن هذه الحروب.
وقد استمرّت هذه الحروب منذ 490 هـ = 1096 م، وحتى 669 هـ = 1270 م، وتعدّدت أسباب هذه الحروب من أسباب دينية، وسياسية، واقتصادية، وكانت هذه الحروب من أسباب تقدُّم أوروبا؛ لأنهم نقلوا إليها معارف المسلمين وحضارتهم.