السلام عليكم، أنا شاب مهتم بالتاريخ الإسلامي، وبدأت أقرأ في المعارك التي خاضها المسلمون ضد أعدائهم، وتبيّن لي أن معاركهم ضد الفرس أكثر من واحدة، لذلك أريد معرفة ما هي معارك المسلمين ضد الفرس؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً بِكَ أخي الكريم، الرسول -عليه الصلاة والسلام- أتم الرسالة وأدّى الأمانة، وجاء بعده الصحابة -رضوان الله عليهم- لإكمال المسيرة، وتحقيق الغاية الأساسية في ذلك العهد؛ وهي نشر الدين الإسلامي، ووقعت بينهُم وبين الفرس معارك عديدة، سأذكرها فيما يأتي:
سُميت بهذا الاسم؛ لربط قائد جيوش الفرس هرمز جنوده بالسلاسل، حتى لا يفرِّوا من أرض المعركة، وحدثت هذه المعركة في عام 12هـ، بين المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، والفُرس بقيادة هرمز في أرض العراق، وذلك في منطقة تُسمى الأيلة، والتي كانت مركزاً لإيصال التعزيز العسكري للفرس من أراضي العراق ومن قائدهم كِسرى.
واستطاع خالد بن الوليد وجنوده هزيمة جيش الفرس، الذين كانوا أكثر عدداً؛ وذلك بالحيلة والذكاء والفطنة التي كان يتمتع بها خالد بن الوليد وجيوش المسلمين المؤمنين بالله، والذين طلبوا الشهادة وآثروها على الحياة في سبيل إعلاء كلمة الإسلام وفتح البلاد الإسلامية.
وقعت هذه المعركة بعد هزيمة جيش هرمز، بمددٍ من القائد كِسرى، بقيادة قارن بن قريانس، بعد معركة السلاسل، وقد طلب قارن المبارزة فخرج أحد جنود المسلمين يُدعى معقل بن العشى وخالد بن الوليد، ركض معقل وسبق خالد بن الوليد على قارن وبارزه وقتله.
وأصاب جيش الفرس الخوف والهلع، وتفتت أوصال الجيش، وقَتل المسلمون في تلك المعركة ما يُقارب 30 ألفً من جنود الفرس، وغرق منهم الكثيرون أثناء فرارهم في السفن بالماء.
تقع هذه منطقة في بلاد الرافدين، وتعدُّ المعركة التي وقعت فيها من أكثر المعارك قوةً ومدداً بالمقارنة مع المعارك الأخرى، فقد أعدَّ الفُرس أنفُسهم لمواجه جيش خالد بن الوليد مرةً أُخرى، بقيادةٍ جديدةٍ وأعدادٍ أكبر من سابقتها، ووضعوا عِدةَ خُططٍ لمواجهة المسلمين في منطقةٍ صحراويّةٍ بعيدةٍ عن المياه بقيادة أندرزاغار.
وكان خالد بن وليد قد وضع خطةً أخرى لهزيمة الفرس، وقد تفوَّق بذكائه على خطط الفرس، وتمكن خالد من هزيمة الفرس شر هزيمةٍ، وهرب أندرزاغار قائدهم إلى الصحراء، ومات فيها من شدّة العطش.
وهي المنطقة التي قصدها جيش المسلمين ليفتحوها بدايةً، وذلك بأمرٍ من الخليفة أبي بكر الصديق، وعند وصول جيش خالد بن الوليد للحيرة وجدوا فيها حصوناً قويةً ومنيعةً، فيها ما يكفي من الطعام والشراب لمدّةٍ من الزمن.
وقام خالد بن الوليد بإعداد خطةٍ لمُحاصرةِ هذه القِلاع حتى يعلنوا استسلامهم، لكنهم رفضوا وقاموا برميهم بمقاليع فيها فُخَّارٌ مُشتعلٌ، لكن ذكاء خالد جعله يرجع بجيشه إلى الوراء قبل بدء الرماية فلم يُصبهم مكروه.
وقد كان عِتاد ونِبال جيش المسلمين أقوى من مقاليع الفرس، فأصابوا من في القلاع بسهامهم ونِبالهم، حتى خرج الرهبان وأعلنوا استسلامهم، وكان النصر حليف المسلمين، وفتحوا مدينة الحيرة فتحاً عظيماً، ودخل أهل الحيرة في الإسلام.
تُعد معركة نهاوند من المعارك الفارقة التي حدثت في تاريخ المسلمين؛ وذلك بهزيمتهم للفرس، فقد انتهى على إثرها حكم الفرس في إيران، بعد أن دام ما يُُقارب 416 عاماً.
وقد حدثت المعركة في عام 21 بعد الهجرة، في عهد عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، حين أسس جيشاً لمواجهة الفرس مكونٌ من 40 ألف جنديّ مسلم، بقيادة القائد النعمان بن مقرن؛ بعد أن علِم أن الفرس أعدوا العُدة لقتال المسلمين بعد هروب قائدهم من المدائن.
وكانوا قد جمعوا ما يُقارب 200 ألف جنديٍّ فارسيٍّ في مدينة نهاوند بقيادة الفيرزان، وهزم المسلمون الفرس في نهاوند بعد أن قتلوا منهم ما يزيد عن 100 ألف جندي، وفتحوها ودخلوها في العام 21 بعد الهجرة.
كانت معركة القادسية هي المعركة الفاصلة التي أنهت وجود الفرس في العراق وبلاد المسلمين، فبعد الخسائر التي تكبَّدها الفرس اجتمع قادة الفرس وأعدّوا جيشاً كبيراً بقيادةٍ شابةٍ؛ لمواجهة المسلمين ومُقَاتلتِهم، وعندما علم عمر بن الخطاب بشأن الفرس ونيتهم لمقاتلة المسلمين؛ طلب من المسلمين أن يتجهزوا لقتال الفرس، وخرج بالجيش للقتال بقيادته.
لكن عبد الرحمن بن عوف أشار عليه أن يترك قيادة الجيش والمعركة لسعد بن أبي وقاص، فقاد سعد المعركة وواجه جيش الفرس، والتي كانت بقيادة رستم، وكان جيش الفرس يفوق أعداد جيش المسلمين بما يزيد عن الخمسة أضعاف.
واستمرت المعركة لأربعة أيامٍ، وفي اليوم الرابع أتت الريح واقتلعت خيام الفرس، وكان قد استشهد من المسلمين قرابة 8500 مُقاتِل، وقُتِل من جنود الفرس ما يزيد عن خمسين ألف مقاتلٍ، وشُرِّد جيشهم، فلم يَصِل منهم إلى المدائن إلّا القليل.