أهلاً ومرحباً بك، لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حليماً يسبق حُلمه غضبه، سمحاً يلتمس العذر للناس، ويتعامل بخلق حسن معهم، ولا يزيده جهلهم إلا تفضلاً وحسناً؛ ولا ينفك -صلى الله عليه وسلم- حتى يدعوهم إلى دين الإسلام بحسن حاله وأخلاقه، كما كان -صلى الله عليه وسلم- يعفو عمّن ظلمه أو أساء إليه؛ رحمة بحالهم، وطمعاً بإسلامهم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذات الوقت كان يردّ الإساءة عن نفسه، وعن أصحابه، وعن رسالته؛ وقتما دعت الحاجة إلى ذلك بحكمة ورَويّة؛ دون أن ينتصر لنفسه، أو يثأر لشخصه. وأدلل على حسن خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- ببعض المواقف من سيرته العطرة:
- ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ اليهود مرّوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم؛ فقالوا له بدل السلام عليكم؛ السّام عليك؛ أي الموت، مما أغضب عائشة -رضي الله عنها- فرّدت عليهم: (السَّامُ علَيْكُم، ولَعَنَكُمُ اللَّهُ وغَضِبَ علَيْكُم)، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ: (مَهْلًا يا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بالرِّفْقِ، وإيَّاكِ والعُنْفَ، أوِ الفُحْشَ، قَالَتْ: أوَلَمْ تَسْمَعْ ما قالوا؟! قَالَ: أوَلَمْ تَسْمَعِي ما قُلتُ؟ رَدَدْتُ عليهم، فيُسْتَجَابُ لي فيهم، ولَا يُسْتَجَابُ لهمْ فِيَّ). [أخرجه البخاري]
- ما ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- من قصة الأعرابي الذي شدّ النبي -صلى الله عليه وسلم- من ثوبه، حتى بات أثره في رقبته -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك طلباً للصدقة، فما كان من النبي إلا أن: (الْتَفَتَ إلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ له بعَطَاءٍ). [أخرجه البخاري]