عندي صديقة تم طلاقها قبل فترة، ومن ثم قام زوجها بإعادتها سريعاً إلى بيتها، وقد أخبرتني أنها قرأت سورة يس أثناء طلاقها لأن سورة يس ترد المطلقة إلى زوجها، فما صحة رد المطلقة بسورة يس؟
أهلا بكِ أختي الكريمة، بارك الله بك لحرصك على التأكد من المعلومة الصحيحة، تنتشر الكثير من الأمور حول سورة يس بين الناس، فيظن الناس أن قراءة سورة يس 7 مرات لها فضل عظيم ومنهم من يظن أنها تقرأ بعد الفجر وغيره، وهي سورة عظيمة لا شك ولكن هذه الأمور تحتاج توضيحًا، فأما عن تخصيص سورة يس لردّ المُطلقة، فإنّ اعتقاد تخصيص سورة يس بفضيلة رد المطلقة إلى زوجها يحتاجُ دليلاً خاصاً عليه، ولا دليل على ذلك فمثل هذا الاعتقاد لا يصحّ؛ لأن مثل هذا التخصيص مرجعه إلى الله ورسوله، وليس لنا أن نخصص من عندنا ما نشاء بما نشاء [١] .
ولو كان هذا الكلام صحيحاً لأرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- نساء المؤمنين إلى مثل هذه الفضيلة أو عمل بها الصحابة والسّلف وأهل العلم، ولم نجد ذلك مشكوراً أو مأثوراً عن أحدٍ من أهل الخير والصلاح علمنا أن ذلك ليس بصحيح، وكون أحد الناس جرّب قراءة سورة معينة فحدث ما قرأها لأجله لا يعني أن يصبح ذلك سُنّة تُتبع؛ لأن الدليل هو القرآن والسنة، أما تجارب النّاس فليست دليلاً شرعياً يصلح لإثبات الأحكام أو الفضائل به.
وإن كان القرآن الكريم بشكل عام فيه شفاء ورحمة وهدى للمؤمنين كما أخبر المولى -عزّ وجلّ- في محكم التنزيل بقوله: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ..)، "الإسراء: 82" فإنّ القرآن بشكل عام في قراءته طاعة لله وقربةٌ له، وهذا من أسباب تفريج البلاء مع الأخذ بأسباب الشفاء.
كما قد أخبرنا الله في القرآن الكريم في مواضع كثيرة عن الطريق والسبب في تفريج الكرب وزوال الهم، ألا وهو تقوى الله، وطاعته، والتوكُّل عليه، وحسن الظن والدعاء بتفريج الكرب حيث قال -سبحانه وتعالى-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)، "الطلاق: 2-3" [٢] .
والله تعالى أعلم.